بئر رومة، الواقعة في وادي العقيق بالمدينة المنورة، كانت مملوكة لرجل يهودي يبيع ماءها للمسلمين بثمن باهظ. عندما اشتدت الحاجة للماء، طلب النبي صلى الله عليه وسلم من المسلمين شراءها، فوعد من يشتريها بمكان في الجنة. قال النبي صلى الله عليه وسلم: “من حفر رومة فله الجنة“ (رواه البخاري). استجاب عثمان بن عفان رضي الله عنه واشترى البئر وتصدق بها لتكون وقفًا للمسلمين، مما جعلها من أفضل الصدقات التي عُرفت في التاريخ الإسلامي. وقد وصفها النبي بأنها “عين في الجنة“ (رواه الترمذي)، مما زاد من مكانتها وأهميتها.
بئر رومة أصبحت رمزًا للكرم والصدقة الجارية، حيث كانت توفر الماء للمسلمين دون مقابل، خاصة في أوقات الحاجة والجفاف. وقفية عثمان بن عفان لهذه البئر لم تقتصر على السقيا فقط، بل تعدت لتكون مصدرًا لتعليم الأمة الإسلامية أهمية العطاء والوقوف بجانب المحتاجين. قال عثمان رضي الله عنه: “اشتريتها بعيني مائها لله ورسوله“ (رواه النسائي). وقد ظلت هذه البئر تعمل لعقود طويلة، تُروي المزارع وتخدم سكان المدينة.
مع مرور الزمن، تم استغلال الأراضي المحيطة بالبئر لتحويلها إلى مزرعة نموذجية تنتج المحاصيل الزراعية. شُيدت مساكن للعمال حول البئر، وزُرعت الأشجار بكثافة لتحسين البيئة الزراعية. أصبحت المنطقة مركزًا للإنتاج الزراعي وتعزيز الأمن الغذائي، حيث استفاد المزارعون من الماء المتوفر لتحسين إنتاجيتهم.
في العصر الحديث، قامت الحكومة السعودية بتطوير المنطقة المحيطة بالبئر لتكون نموذجًا للزراعة المستدامة. شُيدت مشاريع زراعية حديثة تهدف إلى تقديم الدعم للمزارعين وتعزيز الإنتاج الزراعي. المنطقة أصبحت رمزًا للزراعة الناجحة في المدينة المنورة، وما زالت تخدم أهداف التنمية الزراعية والاقتصادية في المملكة.