بئر حاء هي إحدى الآبار التاريخية الواقعة شمالي سور المدينة المنورة، وقد كانت ملكًا لأبي طلحة الأنصاري رضي الله عنه. ورد في الحديث الشريف أن أبا طلحة كان يحب بئر حاء حبًا شديدًا، وعندما نزلت الآية الكريمة: “لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ” (آل عمران: 92)، جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: “يا رسول الله، إن أحب أموالي إليّ بئر حاء، وإني أتصدق بها لوجه الله” (رواه البخاري). كانت هذه الصدقة من أعظم الأعمال التي عُرفت عن أبي طلحة، حيث أوقف البئر لخدمة المسلمين وسقيهم.
البئر كانت تُعد من أحب الممتلكات إلى قلب أبي طلحة رضي الله عنه، لكونها قريبة من المسجد النبوي ولما لها من مياه عذبة. وصفها النبي صلى الله عليه وسلم بأنها من أحب الموارد التي تعود بالنفع على المسلمين، وشهدت البئر عدة أحداث تاريخية مرتبطة بالحياة في المدينة المنورة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم. تُعد هذه الصدقة الجارية مثالًا على الإخلاص في العمل وحب الخير للآخرين.
تُشير الروايات التاريخية إلى أن البئر كانت تُستخدم كمصدر رئيسي للمياه العذبة لأهل المدينة والمسافرين، وكانت تقع في موقع استراتيجي بالقرب من المسجد النبوي. أُحيطت البئر بالبساتين والأشجار، مما أضاف إليها أهمية اقتصادية بجانب أهميتها الدينية. وظلت البئر معلمًا بارزًا في المدينة المنورة لفترة طويلة.
في الوقت الحالي، يقع موقع بئر حاء داخل نطاق ملكية خاصة، ولم تعد تُستخدم كمصدر للمياه. ومع ذلك، لا تزال تحمل رمزية دينية وتاريخية كبيرة، حيث تذكر المسلمين بأعمال أبي طلحة الأنصاري رضي الله عنه وتضحيته بأحب ممتلكاته لوجه الله. البئر تُعد اليوم شاهدًا على معاني الإخلاص والتفاني في سبيل الخير والبر.